١٤- هود
(3/5)
٦- حديث هود مع قومه
أ- بخصوص وحدانية الله:
الأحقاف هي جبال الرمل قريبا من حضرموت. ← السورة رقم ٤٦ تحمل اسم" الأحقاف".
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ (...) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٢١-٤٦) قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٦٥-٧) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤-٢٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥-٢٦) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦-٢٦) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢٧-٢٦) وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمُ إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠-١١) يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٥١-١١) وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢-١١) أنذر قومه: أي خوفهم من عقاب الله. بالأحقاف: رمال مستطيلة مشرفة كهيئة الجبال. وقيل واد باليمن. وكان هذا الإنذار بالأحقاف آخر إنذار قبل العقاب ( أنظر الفقرة ١ب ). أخا- أخوهم- أخاهم: أي في النسب أو أنه من قومهم. أمين: أمين على الوحي إذ أبلغه دون زيادة أو نقصان أو كذب. عليه: أي على أني رسول أمين إليكم. مفترون: أي مفترون الكذب على الله بجعل شركاء له. فطرني: أبدعني. والفطرة ابتداء الخلق. استغفروا ربكم ثم توبوا إليه: أي استغفروه عما فعلتم في الماضي ثم توبوا إليه في أعمالكم المستقبلية. يعني لا تفعلوا إلا ما يرضيه تائبين إليه. يرسل السماء: أي يرسل ماء المطر من السماء. ولا تتولوا: ولا تعرضوا وتنصرفوا. مجرمين: مجرمين في عقيدتكم وأعمالكم. فالشرك ظلم والظلم جريمة.
ب- وبشأن أعمالهم : أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨-٢٦) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩-٢٦) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠-٢٦) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٣١-٢٦) ريع: هو ما ارتفع من الأرض. أي مكان مرتفع. آية: أي هنا بناء كعلامة للناس. تعبثون: أي فقط للعبث بالناس الذين يمرون قربها والسخرية منهم. مصانع: حياض لجمع ماء المطر. أو قصور محصنة. لعلكم تخلدون: أي لعلكم تظلون على ما أنتم عليه من النعم والأمن. كانوا يجمعون المياه ويخزنونها وقاية من آفات الجفاف. ( أو إن تعلق الأمر بالقصور المحصنة: " تظنون أنها ستحميكم من بأس غيركم " ). بطشتم: البطش هو الأخذ بالقوة والعنف. جبارين: أي دون رأفة بمن بطشتم به. بالقتل والتعذيب البالغ في القسوة.
٧- جواب القوم وتتمة الحديث
أ- اتهموه بالكذب : قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٦٦-٧) سفاهة: خفة أو قلة عقل.
ب- فأجابهم هود ثم ذكرهم بأنعم الله : قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٧-٧) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (٦٨-٧) أَوَعَجِبْتُمُ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩-٧) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (١٣٢-٢٦) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (١٣٣-٢٦) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤-٢٦) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣٥-٢٦) لينذركم: ليخوفكم من عقاب الله. بسطة: وهي هنا زيادة في الطول والقوة. عذاب يوم عظيم: فيه احتمال عذاب إهلاكهم في الدنيا ( وقد تم ) وعذاب الآخرة الذي لا ينجو منه أي كافر.
ت- لكنهم فضلوا دين آبائهم واستعجلوا العذاب : قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (٢٢-٤٦) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠-٧) لتأفكنا: لتصرفنا بالإفك أي بكذبك. ونذر: نترك.
ث- التنبؤ بالعذاب : قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٣-٤٦) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ (٧١-٧) إنما العلم عند الله: أي وقت مجيء العذاب في علم الله. تجهلون: تجهلون خطورة ما تستعجلون. وقع: أي أصبح واقعا لا مرد له. رجس: سخط وعذاب. أسماء: أسماء أصنام هنا. من سلطان: أي من حجة لكم لعبادتها.
ج- واختاروا الكفر وتشبتوا به : قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣-١١) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ (٥٤-١١)
اعتراك: أصابك.
ح- توكل هود على الله وتحدى قومه : قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤-١١) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥-١١) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦-١١) فكيدوني: أي امكروا بي أو احتالوا في إهلاكي. لا تنظرون: لا تمهلوني ولا تؤخروني. بناصيتها: الناصية هي شعر مقدم الرأس. ومن أخذته بناصيته قهرته. وهذا تشبيه لأخذ الله كل خلقه والتحكم في مصائرهم. إن ربي على صراط مستقيم: أي لا يزيغ عنه. وهو صراط الحق. يلتزم بكل ما كتب بالحق والعدل على العباد.
خ- وقال لهم أيضا : فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧-١١) تولوا: تعرضوا. ولا تضرونه شيئا: أي لا تضرونه بشرككم وإعراضكم عن دينه. حفيظ: يحفظ كل شيء من الزوال والانهيار إلا ما شاء وحفيظ لكل أعمال الخلق بحسناتهم وسيئاتهم. والمعنى: يحفظ أعمالكم وأقوالكم إلى أن تلقوه فيحاسبكم.
د- إلا أنهم لم يؤمنوا بمجيء العذاب : قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ (١٣٦-٢٦) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧-٢٦) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨-٢٦) هذا: أي مواعظك وما تنذرنا به من عذاب يوم عظيم. إلا خلق الأولين: إلا: تحقير لشأن خلق الأولين. أي لدينهم واعتقادهم وأعمالهم. فالخلق هو ما يتخلق به الإنسان في حياته. فأبى هؤلاء المشركون أن يكون لهم نفس الخلق لأنهم لا يعتبرونه حقا.
إرسال تعليق